أرشيف فتاوى المجمع: فتوى رقم 3
- Dr. Sarmad

- Oct 18
- 3 min read
Updated: Nov 9

أ.د / جمال الأكشة
أمين لجنة الفتوى ومقررها
تاريخ الفتوى:
الأربعاء 2 جمادى الآخرة ١٤٤٦هـ
الموافق 4 ديسمبر ٢٠٢٤ م
السؤال
ما صحة حديث عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاف بالماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء؟ وما معنى انتقاص الماء؟
الجواب
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
هذا الحديث ورد السؤال عن صحته، وشرح بعض ألفاظه. الجواب: الحديث صحيح، ولفظه وشرحه على النحو التالي:
روي عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ، وانْتِقاصُ الماءِ". قالَ زَكَرِيّا: قالَ مُصْعَبٌ: "ونَسِيتُ العاشِرَةَ إلّا أنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ". زادَ قُتَيْبَةُ، قالَ وكِيعٌ: "انْتِقاصُ الماءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجاءَ". صحيح مسلم (٢٦١).
شرح الحديث
جمَعَت شَريعةُ الإسلامِ من كلِّ شَيءٍ أحسَنَه، وهي مُوافِقةٌ في تَشريعاتِها كلِّها للفِطرةِ النَّقيَّةِ الطَّاهِرةِ من كُلِّ خبَثٍ. ومِن ذلك سُننُ الفِطرةِ التي تَعتَني بنَظافةِ الإنسانِ باطِنًا وظاهِرًا.
في هذا الحَديثِ، ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من خِصالِ الفِطرَةِ -وهيَ أصلُ الخِلقَةِ الَّتي يكونُ عليها كلُّ مَولودٍ، والمُرادُ بها: السُّنَّةُ وأصلُ الإسلامِ- عَشرُ خِصالٍ.
1. قص الشارب
الأُولى: "قَصُّ الشَّارِبِ"، وهو الشَّعرُ النابِتُ على الشَّفةِ العُليا. المُرادُ تَهذيبُ شَعرِ الشَّارِبِ، والأخذُ مِنه ما يَزيدُ على شَفَةِ الفَمِ العُليا. يُقَصُّ حتى يَبدوَ طَرَفُ الشَّفةِ. وقد ورَدَت رِواياتٌ أُخرى فيها الأمرُ بحَفِّه وجَزِّه كذلك. المَعنى واحِدٌ، ومنها: حَديثُ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما في الصَّحيحَينِ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "خالِفوا المُشرِكينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وأحفُوا الشَّوارِبَ".
2. إعفاء اللحية
الثَّانيةُ: "إعْفاءُ اللِّحْيةِ"، أي: إرسالُها وتَوفيرُها. يكونُ ذلك بتَركِ الشَّعرِ النَّابتِ على الذَّقَنِ والخدَّينِ وعدَمِ الأخذِ منه.
3. السواك
الثَّالثةُ: "السُّواكُ"، وهو عُودٌ يُقطَعُ من جُذورِ شَجرةِ الأراكِ. يُستَخدَمُ في تَنظيفِ الفَمِ والأسنانِ، ويُطيِّبُ الفَمَ، ويُزيلُ الرَّوائحَ الكَريهةَ.
4. الاستنشاف بالماء
الرَّابِعةُ: "اسْتِنشاقُ الماءِ"، وهو إدخالُ الماءِ في الأنفِ، ثُمَّ نَثرُه مرَّةً أُخرى. يُخرِجُ ما فيه من أذًى وقَذَرٍ.
5. قص الأظفار
والخامسةُ: قَصُّ ما طال من أظفارِ اليَدِ والقدَمِ. يُفضَّل تَقليمُها، وعدَمُ تَركِها طَويلةً تَركًا يَتَجاوَزُ به أربَعينَ ليلةً. كما جاء في حَديثِ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ لأنَّها مَظِنَّةُ الأوساخِ والضَّررِ.
6. غسل البراجيم
السَّادسةُ: "غَسْلُ البَراجِمِ"، أي: مَفاصِلِ الأصابِعِ وعُقَدِها. يكونُ غَسلُها بتَنظيفِ الأوساخِ التي تَجتمِعُ فيها.
7. نتف الإبط
السَّابعةُ: "نَتْفُ الإِبْطِ"، أي: إزالةُ ونَزعُ الشَّعرِ النَّابِتِ تحتَ الإبطِ. يُفضَّل النَّتفُ لمَن قَويَ عليه، ويَحصُلُ أصلُ السُّنَّةِ بإزالتِه بأيِّ وَسيلةٍ كانت، كالحَلقِ وغَيرِه.
8. حلق العانة
والثامنةُ: "حَلْقُ العَانةِ"، وهو إزالةُ الشَّعرِ الَّذي على الفَرجِ والعَورةِ.
9. انتقاص الماء
والتاسعةُ: "انْتِقاصُ الماءِ"، وهو التَّطهُّرُ بالماءِ بعدَ قَضاءِ الحاجَةِ. كما فَسَّره وَكيعٌ في آخِرِ الحَديثِ بأنَّه الاستِنجاءُ، أو هو رَشُّ الماءِ على الفَرجِ بعد الوُضوءِ ليَنفيَ عنه الوَسواسَ.
10. المضمضة
قال زَكريَّا -وهو ابنُ أبي زائدةَ-: قال مُصعَبٌ -وهو ابنُ شَيبةَ-: "ونَسيتُ العاشِرةَ، إلَّا أن تَكونَ المَضمَضةَ". وهي إدارةُ الماءِ في الفَمِ ثُمَّ مَجُّه وإخراجُه منها. يُغسِلُ الفَمَ بالماءِ كلَّما استَلزَمَ الأمرُ ذلِك، خاصَّةً بعدَ الطَّعامِ وأكلِ ما له رائحةٌ.
أهمية هذه الخصال
قد جاء في الصَّحيحَينِ من حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّه ذكَرَ من سُننِ الفِطرةِ (الخِتانَ). وهو قَطعُ القُلفةِ التي تُغطِّي الحَشَفةَ من ذَكَرِ الرجُلِ، وقَطعُ بَعضِ الجِلدةِ التي في أعلى الفَرجِ من المَرأةِ التي كالنَّواةِ أو كعُرفِ الدِّيكِ.
لا شكَّ أنَّ هذه الخِصالَ يَتعلَّقُ بها أُمورٌ دينيَّةٌ ودُنيويَّةٌ. مِثلُ تَحسينِ الهيئةِ، وتَنظيفِ البَدَنِ جُملةً وتَفصيلًا، والاحتياطِ للطَّهارةِ، وحُسنِ مُخالَطَةِ النَّاسِ بكَفِّ ما يَتأذَّى بريحِه عَنهم، ومُخالَفةِ شأنِ الكُفَّارِ من المَجوسِ واليَهودِ والنَّصارى.









Comments